بستان الرهبان - بستان الرهبان

مدونة مسيحية عن بستان الرهبان وكل سير الأباء الأولين كيف عاشوا وكيف دعاهم الله إلى حياة الرهبنة وكل أقوال الأباء والقديسين

بستان الرهبان

بستان الرهبان

شارك المقالة

بسم الآب والابن والروح القدس
الإله الواحد. آمين

مقدمة الطبعة الأولى

 كتاب بستان الرهبان من أهم نفائس الكتب الرهبانية يصدر في هذه الطبعة بعد
استطلاع نسخ عربية مختلفة له، ومراجع أجنبية متصلة به. وبعد محاولة لفحصه
وتبويبه.
 عسى أن تساعد صورة البستان الحالية بما حدث من شمول وتنسيق، على زيادة
تمتع الداخل إليه بالنضرة الروحية التي لغروسه الضخمة، والعذوبة السمائية التي لثمار
فضائلهم. وعبيق البخور الطيب الذي لتعاليمهم.
 هدانا االله ونفعنا بظل رضاهم.
بشنس 1684ش لجنة التحریر والنشر
مايو 1968م بمطرانية بني سویف والبهنسا 

مقدمة الطبعة الثانية

نشأة الرهبنة في مصر

 جاء عصر الرهبنة في الكنيسة القبطية تالياً لعصر التبشير والاستشهاد. فلقد
كانت الشهادة للرب يسوع في العصر الأول بالصمود أمام الوثنية المضطهدة
للمسيحية. وحاولت الوثنية وأد المسيحية، ولكن الانتشار المقدس غلبها. وكان له
سلاحان، حياة القداسة التي عجز الشر عن النفاذ خلالها، ثم الثبات بأمانة لاسم
المخلص أمام آل ضيق. فعاش المسيحيون في قداسة وشجاعة بلا تزعزع حتى
انهارت الوثنية.

 ثم استقرت الأمور. وتحول الجهاد الأفقي إلى جهاد رأسي. وتحولت شهادة
البعض من أمام العالم المنظور إلى عالم الملائكة والشياطين في تركيز فكري عند
قدمي الرب بالتأمل فيه. انتهى عصر المستشهدين وجاء عصر العابدين.

 وليست الصلاة أساساً طلب احتياجات عالمية، بل طلب ملكوت السماء حباً في
الخلاص. وفي طلب هذا يحلو التأمل، ويلهج القلب بالتسبيح. وحينئذ يهدأ الإحساس
بالوسط المادي، ويضطرد الحب المتركز في الإحساس بالعالم الروحي. فنشأت
الرهبنة، أي الارتباط بالإله والانحلال من العالم، أو التحول من التناقش مع العالم
أساساً إلى الاستمتاع بالنظر والتحدث إلى االله.

 فما كانت الرهبنة هروباً بل حباً، وما كانت حياة سلبية، بل إيجابية مركزة، انها
انطلاق النفس في فعل التسبيح.
 ولعل الفنان الذي يغرق في استجلاء احاسيسه ليعبر عنها صامتاً في خطوط أو
ألوان، أو العالم في معمله الذي يقضي السنوات الطوال فاحصاً نقاط صغيرة محددة
آملاً أن يصل إلى كنهها. لعل هذا أو ذاك يشبه الراهب الذي تملكه التأمل في الحبيب
يسوع فثبت نفسه على استماع صوته في القلب، وتحركات القلب في اللهج بتسبيحه.
 ونشأت الرهبنة في مصر.

 على أن الفضائل المسيحية لزام على كل مؤمن. فحب مناجاة االله المخلص،
والتعفف من اللذة، والعزوف عن محبة القنية، وتسليم المشيئة الشخصية للمشيئة الإلهية
في ارتياح وفرح وقوة، ومحبة الخير للناس جميعاً، وانكار الذات، هي صفات واجبة
على آل مؤمن. ولذا نجد في سير الآباء الرهبان الأوائل قصصاً تشير إلى المستوى
الروحي الذي كان عليه ساكنو العالم. فلقد أعلن الرب يوماً للأنبا انطونيوس انه في
مدينة ما يوجد طبيب يماثله في الحب الله، وان آان يخالفه في صورة الحياة. فانه يعمل
ويوزع جميع ايراده على الفقراء والمحتاجين، ويسبح الرب شريكاً للملائكة ثلاث
مرات في اليوم (انظر صفحة 25 .(وأعلن للأب مقاريوس الكبير يوماً انه في مدينة ما
توجد سيدتان متزوجتان تضارع حياتهما حياة آبار العابدين في الصحراء، فذهب
اليهما واطلع على سيرتهما (انظر صفحة 40 (واقتنع أن الفضائل التي تظهر في حياة
الرهبان في البرية تظهر أيضاً في سكان المدن. 
على أن الرهبان جماعة تفرغوا لخدمة التحدث إلى القدوس، وجندوا انفسهم
لذلك، وتخلوا عما يعوقهم من مشغولات الأسرة واعالتها. فهم متخصصون لممارسة
عمل العبادة الدائم، وما يلزمه من أوضاع. قلبهم منشغل بعبادة الرب. وما اهتمامهم
بعمل اليدين الا لكي يأكلوا خبزهم بعرق جبينهم، وهم يمارسونه والقلب في هدوء
واتصال باالله ثانياً. 
ولقد توسمت الكنيسة في الرهبان الذين خدموا فيها هذه الصفات، أي انهم في كل عملهم يعملون بروح العبادة. ولعل هذا يشبه ما قاله الرسول "انسكب أيضاً على ذبيحة ايمانكم وخدمته" في 2 : 17 
انهم منسكبون على استماع صوت الرب داخلهم، وما يؤدونه من أعمال المحبة فبذات الانسكاب على جسد الرب.

أنماط الرهبنة:

 انخرط الرهبان في سلك معين، شعاره التخصص لتطبيق الفضائل المسيحية تعمداً. 
غير انهم في أساليب حياتهم اختلفوا إلى أنماط معينة.
 التوحيد Hermitage وفيه يسكن الراهب منفرداً، وأسسه القديس انطونيوس
وتفرعت منه صورة خاصة آالحبساء والسواح (115-120).
 الشركة Cenobitism وانشأه القديس باخوميوس وفيه يحيا الرهبان جماعات
يصلون الصلوات المختلفة مجتمعين، وينام كل ثلاثة منهم في قلاية واحدة.
وينقسمون في العمل إلى فرق حسب الصناعات والأعمال المختلفة.
 ومن هذا النظام أنشأ القديس شنودة اديرته. وآان فيها نظام الشرآة في الحياة،
والارتباط بخدمة الكنيسة ارتباطاً آبيراً داخل الدير وخارجه.
 الفردية المترابطة Idiorhythmism أي الحياة الفردية في تناسق مع الجماعة
وأنشأه القديس مقاريوس. وفيه عاش البعض في قلال منفردين، وبعضهم عاش
جماعات في قلاية واحدة (ص 41-43 و92 .(وآانوا يجتمعون مساء آل سبت في
الكنيسة يستمعون لتعليم الشيوخ. ويسبحون ثم يحضرون القداس، ويتناولون الطعام
سوياً صباح الأحد.

(1) لقد درجت الكنيسة في بعض عصورها على أن تختار الأساقفة من بين المشهورين في حياة العبادة والوحدة،
حتى انها حين آانت تختار راهباً ليس من لابسي اسكيم التوحد، تضع عليه أن يلبس هذا الاسكيم عشية سيامته اسقفاً
إلى أن أسقط هذا الإجراء أخيراً من سيامة الأساقفة في عهد قداسة البابا شنودة أطال االله حياته. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أترك تعليقاً

أحدث الاخبار التقنية

في الموقع الان

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الصفحات